فصل: ايقاع المعتضد ببنى شيبان واستيلاؤه على ماردين.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.وفاة المعتمد وبيعة المعتضد.

توفي المعتمد على الله أبو العباس أحمد بن المتوكل لعشر بقين من رجب سنة تسع وسبعين ومائتين وعشرين سنة من ولايته ودفن بسامرا وهو أول من انتقل إلى بغداد وكان في خلافته مغلبا عاجزا وكان أخوه الموفق مستبدا عليه ولم يكن له معه حكم في شيء ولما مات الموفق سنة ثمان وسبعين كما قدمناه أقام مكانه ابنه أبا العباس أحمد المعتضد وحجر المعتمد كما كان أبوه يحجره وولاه عهده كما كان أبوه ثم قدمه في العهد على ابنه جعفر ثم هلك فبايع الناس للمعتضد بالخلافة صبيحة موته فولى غلامه بدرا الشرطة وعبيد الله بن سليمان بن وهب الوزارة ومحمد بن الشاري بن ملك الحرس ووفد عليه لأول خلافته رسول عمرو بن الليث بالهدايا وسأل ولاية خراسان فعقد له عليها وبعث إليه بالخلع واللواء ولأول خلافته مات نصر بن أحمد الساماني ملك ما وراء النهر وقام مكانه أخوه إسمعيل.

.مقتل رافع بن الليث.

كان رافع بن الليث قد وضع يده على قرى السلطان بالري وكتب إليه المعتضد برفع يده عنها فكتب إلى أحمد بن عبد العزيز بن أبي دلف بإخراجه عن الري فقاتله وأخرجه وسار إلى جرجان ودخل نيسابور سنة ثلاث وثمانين فوقعت بينه وبين عمرو حرب وانهزم رافع إلى أبيورد وخلص عمرو ابنى أخيه من حبسه وهما العدل والليث ابنا علي بن لليث وقد تقدم خبرهما ثم سار رافع إلى هراة ورصده عمرو بسرخس فشعر به ورجع إلى نيسابور في مسالك صعبة وطرق ضيقة واتبعه عمرو فحاصره في نيسابور ثم تلاقيا وهرب عن رافع بعض قواده إلى عمرو فانهزم رافع وبعث أخاه محمد بن هرثمة إلى محمد بن زيد يستمده كما شرط له فلم يفعل وافترق عن رافع أصحابه وغلمانه وفارقه محمد بن هرون إلى أحمد بن إسمعيل في بخارى ولحق رافع بخوارزم في فل من العسكر ومعه بقية أمواله وآلته ومر في طريقه بأبي سعيد الدرعاني ببلد فاستفعله وغدر به وحمل رأسه إلى عمرو بن الليث بنيسابور وذلك في شوال ثلاث وثمانين.

.خبر الخوارج بالموصل.

قد تقدم لنا أن خوارج الموصل من الشراة استفدر عليهم بعد مساور هرون الشاري وذكرنا شيئا من أخبارهم ثم خرج عليه سنة ثمانين محمد بن عبادة ويعرف بأبي جوزة من بني زهير من البقعاء وكان فقيرا ومعاش بنيه في التقاط الكمأة وغيرها وأمثال ذلك وكان يتدين ويظهر الزهد ثم جمع الجموع وحكم واستجمع إليه الأعراب من تلك النواحي وقبض الزكوات والأعشار من تلك الأعمال وبنى عند سنجار حصنا ووضع فيه أمتعته وما عونه وأنزل به ابنه أبا هلال في مائة وخمسين فجمع هرون الشاري أصحابه وبدأ بحصار الحصن فأحاط به ومحمد بن عبادة في داخله وجد في حصاره حتى أشرف على فتحه وقيد أبا هلال ابنه ونفرا معه وبعث بنو ثعلب وهم مع هرون إلى من كان بالحصن من بني زهير فأمنوهم وماك هرون الحصن ثم ساروا إلى محمد فلقيهم وهزمهم أولا ثم كروا عليه مستميتين فهزموه وقتلوا من أصحابه ألفا وأربعمائة وقسم هرون ماله ولحق محمد بآمد فحاربه صاحبها أحمد بن عيسى بن الشيخ فظفر به وبعثه إلى المعتضد فسلخه حيا.

.ايقاع المعتضد ببنى شيبان واستيلاؤه على ماردين.

وفي سنة ثمانين سار المعتضد إلى بني شيبان بأرض الجزيرة ففروا أمامه وأثار على طوائف من العرب عند السند فاستباحهم وسار إلى الموصل فجاءه بنو شيبان وأعطوه رهنهم على الطاعة فغلبهم وعاد إلى بغداد وبعث إلى أحمد بن عيسى بن الشيخ في أموال ابن كنداج التي أخذها بأحمد فبعث بها وبهل أياما كثيرة معها ثم بلغه أن أحمد بن حمدون ممالئ لهرون الشاري وداخل في دعوته فسار المعتضد إليه سنة إحدى وثمانين واجتمع الأعراب من بني ثعلب وغيرهم للقائه وقتل منهم وغرق في الزاب كثيرا وسار إلى الموصل ثم بلغه أن أحمد هرب عن ماردين وخلف بها ابنه فسار المعتضد إليه ونازله وقاتله يوما ثم صعد من الغد إلى باب القلعة وصاح بابن حمدان واستفتح الباب ففتح له دهشا وأمر بنقل ما في القلعة وهدمها وبعث في طلب حمدان وأخذ أمواله.

.الولاية على الجبل وأصبهان.

عقد المعتضد سنة إحدى وثمانين لابنه علي وهو المكتفي على الري وقزوين وزنجان وأبهر وقم وهمذان والدينور فأستأمن إليه عامل الري لرافع بن الليث وهو الحسن بن علي كورة فأمنه وبعث به إلى أبيه.

.عود حمدان إلى الطاعة.

وفي سنة اثنتين وثمانين سار المعتضد إلى الموصل واستقدم إسحق بن أيوب وحمدان ابن حمدون فبادر إسحق بقلاعه وأودع حرمه وأمواله فبعث إليه المعتضد العساكر مع وصيف ونصر القسوري فمروا بذيل الزعفران من أرض الموصل وبه الحسن ابن علي كورة ومعه الحسين بن حمدان فأستأمن الحسين وبعثوا له إلى المعتضد فأمر بهدم القلعة وسار وصيف في اتباع حمدان فواقعه وهزمه وعبر إلى الجانب الغربي من دجلة وسار في ديار ربيعة وعبرت إليه العساكر وحبسوه فأخذوا ماله وهرب وضاقت عليه الأرض فقصد خيمة إسحق بن أيوب في عسكر المعتضد مستجيرا به فأحضره عند المعتضد فوكل به وحبسه.